الذاكرة العضلية |
الذاكرة العضلية Muscle Memory أو ذاكرة العضلات هو تَعبير مَجازي (أي أنّ العضلات "فِعلِيّاً" ليس لها ذاكرة) يُسمَع عادة عندما نَعود لِأداء "نشاط حَرَكيٍّ ما" كُنّا قد آنقَطعنا عن فِعلِه لِفترة طويلة بعد أن كُنّا قد "أتقَنّاه" من قَبل, و هذا النشاط الحركي يُمكِن أن يكون مثلاً ركوب درّاجة هوائية أو سِياقة سيّارة أو تمارين رِياضية كالسِّباحة - تمارين الحديد ... وما إلى ذلك.
حيث أنّنا نَجِد أنفسنا لازِلنا قادِرين على أداء هذا "النشاط الحركي" بِشكل (جيّد) رغم آنقِطاعِنا الطّويل عن فِعله, و هذا تَحديداً ما يُطلَق عليه إسم الذاكرة العضلية/الحركية, لكن هناك أيضاً الذاكرة العضلية المرتبِطة بِنمو العضلات, فما هي؟ و كيف تَتَكوَّن؟ و كم تدوم الذاكرة العضلية؟ حيث أنّنا سَنتطرّق لِكل ذلك بالتّفصيل المُبَسّط في هذه التّدوينة.
ما هي الذاكرة العضلية - Muscle Memory
بِدايةً, و لِكَي نَفهم هذا الموضوع بِسهولة, يجِب أن نُؤكِّد على أنّ هناك نوعان من الذاكرة العضلية و هما :
أي الذاكرة العضلية المُرتبطة بِأداء الحَركات, فَمثلا عِندما تَقوم بِأداء أحد تمارين كمال الأجسام كَ "الرّفعة المَيّتة Deadlift" أو "تمرين السكوات Squat" أو "البِنش بريس Bench press" أو غَيرها "لِأوّل مرّة", فإنّك تُلاحِظ بِأنّك تَجِد صعوبةً و تَشَنُّجاً في أداء هذه التّمارين بالطّريقة الصّحيحة, لكن مع مرور الوقت و مع آستِمرارك في التّدريب فإنّك تَبدأ في إتقان هذه الحركات شيئاً فَشَيئاً إلى أن تَصِل إلى مَرحلة التّمكُّن.
حيث أن الذاكرة العضلية/الحَركِيَة قد لَعِبَت دَوراً أساسِيّاً في وصولِك إلى مرحلة التّمكُّن هاتِه من خلال الإحتفاض بالحركات السّابِقة التي أدّيتَها و البِناء عَلَيها, حيث أنّ هذا النّشاط (أي الإحتفاض بالمهارات الحَركِيّة المُكتَسَبة) يحدث أساساً في الدِّماغ و ليس في العضلات و يَتِم تَفعيله (أي تَفعيل نشاط الذّاكِرة العضلية/الحركية) من خلال عملِيّة مُشتركة بين الدِّماغ - الخلايا العصبيّة الحركيّة و العضلات.
و تَحضُر الذاكرة العضلية/الحَركِيَة أيضاً عند عودتك إلى التّدريب بعد آنقِطاعٍ "لِفَترة لَيسَت بالقَصيرة", حيث سَتَجِد نفسَك قادِراً على أداء الحركات و التّمارين بِشكل جيِّد رُغم آنقِطاعِك الطّويل عن التّدريب.
و رُغم أنّ مُستَوى تَمَكُّنِك و إتقانِك الذي كُنت عليه قَبل الإنقطاع عن التّدريب قد قَل نِسبِيّاً - و هذا أمر طَبيعي نَظَراً لِخُضوع أيّ شيء نَتَعلّمه في حياتِنا إلى مَبدأ "الإهمال و الإستِعمال" -, إلاّ أنّك سَوف تَستَطيع العَودة إلى ذلك المُستوى الذي تَوَقّفت عِنده بِسهولة أكبَر و في وقت جِد قَصير مُقارنة بِأَوّل مرة بدأت فيها التّدريب.
أي أنّك تُسَمّى بِ "لاعب ذو خِبرة سابِقة" و لَيس مبتدأ "من الصِّفر", الشّيء الذي يُشَكِّل عاملاً مُساعداً قوياًّ بِالنِّسبة لك في حالة عودَتك إلى التّداريب مرّة أخرى بَعد أنقِطاع طويل و يُشّكِّل أيضا ًحافِزاً مهِمّاً لِإِعادة الإنطِلاق من جديد. لكن هذا ليس هو الحافز الوحيد, فَلَديك أيضاً الذاكرة العضلية المُرتبِطة بِنُمو العضلات.
و لِكَي تَفهم هذا النّوع من الذاكرة العضلية, يَجِب أن نَفهم أوّلاً كيف تَنمو العضلات. فعِندما تَذهب إلى صالة الحديد و تَقوم بِمَجهود عَضلي قوي من خِلال رَفعِك لِلأوزان فإنّك تقوم بِ "إتلاف العضلات Muscle Damage" أو بِإحداث ما يُسَمّى أيضاً بِ "جروح ميكروسكوبية" على مستوى الألياف العضلية.
الشّيء الذي يؤدي إلى تَنشيط نوع من الخلايا تُسمّى بِ "الخلايا السّاتِلِيّة Satellite Cells" و التي تتواجد في الطَّرَف الخارجي لِلخلايا العضلية.
حيث تَتمثّل وظيفة هذه "الخلايا السّاتلِيّة" في تعويض الخلايا العضلية التي تم إتلافُها بِأخرى جديدة (أي عملِيّة الإستشفاء العضلي), و أيضاً في إنتاج مجموعة "نواة" جديدة تُضاف و تَندَمِج مع مجموعة "نواة" موجودة مُسبَقاً في الخلِيّة العَضلِيّة, ما يَعني زِيادة عدد "نواة" الخَلِيّة العضلية المسؤولة بِدَورِها عن تَخليق البروتين العَضلي.
(و لِلإشارة فهذه "النّوى" هي التي تُحَفِّز الخلايا العضليّة على تَكوين بروتين العضلات الأساسي في عملية الإستشفاء العضلي), الشّيء الذي يُحَقِّق لنا في النِّهاية زيادةً في الكتلة العضلية و في مُستوى ضَخامَتها.
أي أنّه بِبَساطة كلّما زاد عدد "النواة" داخل الخلِيّة العضلية كلّما زاد حَجمُها و مُستوى ضخامتها, فهذه "النوى" هي التي تَزيد في سُمك الألياف العضلية, و هذه تَحديداً هي النُّقطة الجوهرِيّة في مسألة "الذاكرة العضلية المُرتبِطة بِنُمو العضلات".
فعِندما تقوم بِأداء تمارين الحديد/تمارين المُقاومة لأوّل مرة, يكون لَديك عدد "نواة" معَيّن في خلِيّتِك العضلية, و بعد مدة من التّدريب و بِالضّبط عندما تزداد كُتلتُك العضلِيّة و يزيد مستوى ضخامتها, فإنّ عدد "النواة" داخل خلِيّتِك العضلية "قَطعاً" قد زاد, على آعتِبار أنّ زِيادة عدد "النّوى" داخل الخلِيّة العضلية هو سَبب زِيادة الحجم العضلي كما ذكرنا قبل قليل.
و عند آنقطاعك عن التّمرين بِشكل تام, تبدأ عضلاتك بالتّقَلُّص شيئاً فشَيئاً و هذا أمر طبيعي لأنها تَخضع بِدَورها لِمبدأ "الإهمال و الإستعمال" الذي أشَرنا إليه سابِقاً, أي أنّك إذا أهمَلتَ عضلاتك و لم تقُم بِآستِعمالها سواء في تمارين الحديد أو تمارين المقاومة بِشكل عام.
فإنّ جِسمك لا يَجِد سَبَباً لِلإبقاء عليها, و بِالتّالي فإنّه سَيَبدأ في التّخَلّص منها عن طريق آستِنزاف مخازن الجليكوجين في العضلات كَمرحلة أولى, و تَكسير بروتين العضلات أو ما يُعرَف بِال Muscle Protein Breakdown كمرحلة ثانِية.
لكنّ الخبر الجّيِّد و الذي يُعَزِّز مَسألة وجود ما يُسمّى بِ "الذاكرة العضلية", هو أنّ مجموعة "النواة" الجديدة تِلك التي آكتَسَبَتها خلاياك العضلية خلال الفترة التي كنت تتدرّب فيها - و التي كانت سبباً رئيسِياً في زيادة حجمك العضلي - تَبقى مَوجودةً داخل خلاياك العضلِية و لا تَموت أو تَقِلّ رُغم آنقِطاعك عن التّمرين.
فهي فَقط تَتقَلّص من حيث الحجم, و آعتِباراً لِذلك فإن مسألة عودتك إلى الحجم العضلي الذي كنت عليه قبل الإنقطاع عن التّدريب تكون أكثر سهولة كما أنّك تَستطيع تَحقيقه (أي الحجم العضلي الذي تَوقّفت عِنده قبل الإنقطاع) في وقت أقَلّ بِكثير من ذلك الذي آستَغرَقتَه في المرّة الأولى.
*إليك هذه الصورة التّوضيحية لِميكانيزم الذاكرة العضلية*
الذاكرة العضلية |
و لِنَفتَرِض مثلاً أنّك وَصَلت إلى حجم عضلي مُعَيّن بعد 4 سنوات من التّدريب, ثم بعد ذلك آنقَطَعتَ عن التّدريب لمدة 5 سنوات متواصلة قبل أن تُقَرِّر العودة إلى التّداريب مرةً أخرى, في هذه الحالة فإنه من المُتوقّع أن تَصل إلى ذلك الحَجم العَضلي الذي توقّفتَ عِنده قبل الإنقطاع في ظرف "سنة مثلاً".
ملاحظة : إنّ هذا المثال هو لِلشّرح و التوضيح فقط و ليس قاعدة ثابِتة, على آعتبار أن مسألة زيادة الكتلة و الضّخامة العضلِيّة تَدخل فيها طبعا عِدّة عوامل مُؤثِّرة أخرى و ليس فقط الذاكرة العضلية.
كيف تستَفيد من الذاكرة العضليّة و تستغلها أفضل آستغلال
لِكَي تُحقِّق أكبَر آستِفادة مُمكِنة من الذاكرة العضلية و تَجعَل منها عامِلاً مُساعِداً قَوِيّاً في آسترجاع الكتلة العضلية المفقودة سريعًا, عليك أن تُراجِع أخطائك السّابِقة و أن تُحاوِل تَجَنُّبها ما أمكَن عند العودة إلى التّداريب من جديد و خصوصاً على مستوى نِظامك الغذائي.
إضافة إلى مجموعة من العوامل الأساسية الأخرى التي يَجِب أن تَأخُذها بِعَين الإعتِبار من قَبيل "التّركيز على الحركة السِّلبية لِلتّمرين - عدد تكرارت يتراوح بين 8 و 12 لكل تَمرين ... إلخ", حيث أنّ هذه العوامل لا غِنى عنها في سَبيل تحقيق الضخامة العضليّة.
و سَتُساعدُك هذه التّدوينة "أسفَلَه" بِشَكل كَبير في التّعرُّف أكثر على هذه العوامل, الشيء الذي سَيُمَكِّنك من تَطوير مُستَواك و تَحقيق هدفك و مُلاحظة النّتائِج المُنتَظَرة في أقصَر وقت ممكن عِند العودة إلى التّداريب/الجيم من جديد.
كم تدوم الذاكرة العضلية ؟
في الحقيقة لم نجد في مواقع البحوث والدراسات العلمية لحد السّاعة أي بحث علمي أو دراسة علمية تُجيب بِشكل واضح على هذه النقطة, لكنّ الأكيد و المُتّفّق عليه في الأبحاث و الدراسات العلمية التي تطَرّقَت لهذا الموضوع هو أن الذّاكرة العضليّة بِصفة عامّة (إذا أمكَننا أن نَقول ذلك) تُعتَبر ذاكرة طويلة الأمد.
أما بالنسبة لرأينا الشخصي, فإننا نعتبر أنّ الذاكرة العضلية "بنوعَيها" تدوم مدى الحياة, والتجارب الحياتية في هذا السياق خير دليل على ذلك.
إنّ الذاكرة العضلية بِنوعَيها - سواءٌ الذاكرة العضلية/الحركية أم الذاكرة العضلية المرتبِطة بِنمو العضلات - تُعتَبَر عامِلا مُساعِداً مُهِمّاً و حافِزاً قَويّاً لك من أجل العَودة إلى التّمرين و آستِعادة مُستَواك السّابِق "في أقصَر مُدّة مُمكِنة" و البناء عليه و تَطويره أكثر "مَهما كانت مُدّة آنقِطاعك عن التّمرين".
لكنّ ذلك لن يَحدث إلاّ إذا آلتَزَمت بِجَميع الأسباب و العوامل المُساعِدة على نُمو و بناء العضلات "و التي أشَرنا إليها من قبل", آنذاك سَوف تَستَفيد بِشكل قوي من عامِل الذاكرة العضلية و سَتلاحظ ذلك بِنَفسِك.
🌟🌟🌟🌟🌟🌟
👈 إذا كانَت هُناك أي نُقطَة أو فِكرة غَير واضِحة, المَرجو طَرحها في التَّعليقات 👇👇👇👇 لِكي نُوَضِّحَها بِشَكلٍ أفضَل 👊.
تعليقات
إرسال تعليق